أولاً الإتجاه المثالى:
أصبح الإنسان فى العصر الحديث بذاتيته وفرديته محور البحث الفلسفى، وأوضح الفلاسفة المحدثون أن العقل هو القوة المشتركة بين الناس جميعاً، ومن أجل ذلك كانوا ينظرون إلى الإنسان نظرة عامة وكلية وشاملة0وتلك هى المثالية الحديثة التى كانت تختلف عن مثالية أفلاطون التى كانت تقول بوجود عالم للمثل ثم ظهرت الفلسفة الجدلية مع هيجل كمحاولة للتوفيق بين كلية الوجود والواقع أو المطلق من ناحية، وكلية الإنسان من ناحية أخرى.
كما أنه وضع التناقص فى قلب الوجود ومثل هيرقليطس الذى جعل العقل قانون الوجود، جعل هيجل الروح أو المطلق ماهية الوجود أى صورته وحقيقته.
إن التوسع الجدلى معناه الإختفاء والظهور، العدم والوجود، الموت والحياة، تماماً كما تختفى البراعم عندما تتفتح الأزهار،ولكن الفكر الغربى الحديث قد أغرق فى المثالية حتى وإن كان يرى فيها صورة الحقيقة، فالحقيقة فى نظره صورة لا مادة، عقل بلا إحساس أو خيال، هذا لأن الفكر قد تجمد فى الصورة والتصورات العقلية وتجاوز ذاته الفردية إلى الذات الكلية، وكان لا بد وأن يشعر الإنسان الذى يتجاوز العالم بالغربة فى هذا العالم هكذا تمثلت العقلانية الغربية عند أقطابها، من أمثال ديكارت وكانط وهيجل، فكانت الذات بمعناها الكلى والعام بل والمطلق أيضاً هى مصدر كل علم ومعرفة.
ثانياً الإتجاه التجريبى:
فى ذلك الوقت كان الفلاسفة الإنجليز فى الجزر البريطانية "حسيين وتجريبيين وتحليليين فى مجال المعرفة" وكانوا يعملون للواقع ألف حساب.
لقد خضع الفكر الإنجليزى للواقع وسلم له العقل تسليماً وكانت مهمة هؤلاء المفكريين هى رفض كل ما يتصف بالضرورة والثبات وأصبحت الفلسفة لديهم مجرد تحليل للأفكار وتفتيت للواقع.
لا شئ سوى الإحساس والخبرة الحسية أما العقل فوظيفته تنقية هذه الخبرة وتصفية التجربة الإنسانية لمعرفة مغزاها ومعناها، وكل ما يبعد عن الخبرة الحسية يكون هناك عند شواطئ البحار البعيدة المجهولة.
*خلاصة القـــــول
مما سبق نستطيع أن نوجز فى عجالة سريعة أهم السمات التى تتميز بها الفلسفة الحديثة، فالفكر الحديث فى تصورنا يتمثل فى السعى وراء هدفين أساسيين:-
1- النهوض بالعلم وإعتباره الوسيلة الفعالة لمعرفة حقيقة العالم والأشياء0
2- وضع أصول فلسفة جديدة تحل محل فلسفة العصور الوسطى التى كانت فى خدمة الدين 0
وإنطلاقاً من هذا تغيرت نظرة الإنسان إلى الطبيعة بفضل تقدم العلم الحديث، وبدلاً من خضوع الإنسان للطبيعة وجوداً وفكراً - كما ظن القدماء - مثل أرسطو، أصبح الإنسان الحديث يسعى إلى أن يكون بالعلم سيداً أو مالكاً للطبيعة ،ولهذا فالفلسفة الحديثة يجب أن تختلف عن الفلسفة القديمة من ناحية، وفلسفة العصر الوسيط من ناحية أخرى