باب زكاة المعدن والركاز والتجارة بدأ بالمعدن أولا ثم بالركاز لقوة الأول بتمكنه في أرضه ، وعقبهما للباب المار ؛ لأنهما من النقدين وعقب ذلك بالتجارة لتقويمها بهما والمعدن له إطلاقان : أحدهما على المستخرج ويستفاد من الترجمة ، وثانيهما على المخرج منه ، ويستفاد ذلك من قوله من استخرج ذهبا أو فضة من معدن سمي بذلك لعدونه : أي إقامته ، يقال عدن بالمكان يعدن إذا أقام فيه .
والأصل في زكاته قبل الإجماع قوله تعالى { أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } وخبر الحاكم في صحيحه " أنه صلى الله عليه وسلم { أخذ من المعادن القبلية الصدقة } وهي بفتح القاف والباء الموحدة ناحية من قرية بين مكة والمدينة يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء ( من استخرج ) وهو من أهل الزكاة ( ذهبا أو فضة ) بخلاف غيرهما كياقوت وزبرجد ونحاس وحديد ( من معدن ) أي أرض مملوكة له أو مباحة ( لزمه ربع عشره ) لعموم الأدلة السابقة كخبر { وفي الرقة ربع العشر } وسواء أكان مديونا أم لا بناء على أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة ، ولا تجب عليه في المدة الماضية ، وإن وجده في ملكه لعدم تحقق كونه مالكه من حين ملك الأرض لاحتمال أن يكون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا ، والأصل عدم وجوبها ، ولو استخرجه مسلم من دار الحرب كان غنيمة مخمسة ( وفي قول ) يلزمه ( الخمس ) كالركاز بجامع الخفاء في الأرض ( وفي قول إن حصل بتعب ) كأن احتاج إلى طحن أو معالجة بالنار أو حفر ( فربع عشره ، وإلا ) بأن حصل بلا تعب ( فخمسه ) لأن الواجب [ ص: 97 ] يزداد بقلة المؤنة وينقص بكثرتها كالمعشرات .
ويرد بأن من شأن المعدن التعب والركاز عدمه فأنطنا كلا بمظنته
مسألة: الجزء الثالث التحليل الموضوعي
بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ بَدَأَ بِالْمَعْدِنِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالرِّكَازِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ بِتَمَكُّنِهِ فِي أَرْضِهِ ، وَعَقَّبَهُمَا لِلْبَابِ الْمَارِّ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ النَّقْدَيْنِ وَعَقَّبَ ذَلِكَ بِالتِّجَارَةِ لِتَقْوِيمِهَا بِهِمَا وَالْمَعْدِنُ لَهُ إطْلَاقَانِ : أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّرْجَمَةِ ، وَثَانِيهِمَا عَلَى الْمُخْرَجِ مِنْهُ ، وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُدُونِهِ : أَيْ إقَامَتِهِ ، يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ إذَا أَقَامَ فِيهِ .
وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ } وَخَبَرُ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ " أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ } وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نَاحِيَةٌ مِنْ قَرْيَةٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا الْفُرْعُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ ( مَنْ اسْتَخْرَجَ ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ ( ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ ( مِنْ مَعْدِنٍ ) أَيْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ ( لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ كَخَبَرِ { وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ } وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَدْيُونًا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مَالِكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا ، وَلَوْ اسْتَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَانَ غَنِيمَةً مُخَمَّسَةً ( وَفِي قَوْلٍ ) يَلْزَمُهُ ( الْخُمُسُ ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ ( وَفِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ ) كَأَنْ احْتَاجَ إلَى طَحْنٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِالنَّارِ أَوْ حَفْرٍ ( فَرُبْعُ عُشْرِهِ ، وَإِلَّا ) بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ ( فَخُمُسُهُ ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ [ ص: 97 ] يَزْدَادُ بِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَيَنْقُصُ بِكَثْرَتِهَا كَالْمُعْشَرَاتِ .
وَيُرَدُّ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَعْدِنِ التَّعَبَ وَالرِّكَازِ عَدَمَهُ فَأَنَطْنَا كُلًّا بِمَظِنَّتِهِ
مسألة: الجزء الثالث التحليل الموضوعي
باب زكاة المعدن والركاز والتجارة بدأ بالمعدن أولا ثم بالركاز لقوة الأول بتمكنه في أرضه ، وعقبهما للباب المار ؛ لأنهما من النقدين وعقب ذلك بالتجارة لتقويمها بهما والمعدن له إطلاقان : أحدهما على المستخرج ويستفاد من الترجمة ، وثانيهما على المخرج منه ، ويستفاد ذلك من قوله من استخرج ذهبا أو فضة من معدن سمي بذلك لعدونه : أي إقامته ، يقال عدن بالمكان يعدن إذا أقام فيه .
والأصل في زكاته قبل الإجماع قوله تعالى { أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } وخبر الحاكم في صحيحه " أنه صلى الله عليه وسلم { أخذ من المعادن القبلية الصدقة } وهي بفتح القاف والباء الموحدة ناحية من قرية بين مكة والمدينة يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء ( من استخرج ) وهو من أهل الزكاة ( ذهبا أو فضة ) بخلاف غيرهما كياقوت وزبرجد ونحاس وحديد ( من معدن ) أي أرض مملوكة له أو مباحة ( لزمه ربع عشره ) لعموم الأدلة السابقة كخبر { وفي الرقة ربع العشر } وسواء أكان مديونا أم لا بناء على أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة ، ولا تجب عليه في المدة الماضية ، وإن وجده في ملكه لعدم تحقق كونه مالكه من حين ملك الأرض لاحتمال أن يكون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا ، والأصل عدم وجوبها ، ولو استخرجه مسلم من دار الحرب كان غنيمة مخمسة ( وفي قول ) يلزمه ( الخمس ) كالركاز بجامع الخفاء في الأرض ( وفي قول إن حصل بتعب ) كأن احتاج إلى طحن أو معالجة بالنار أو حفر ( فربع عشره ، وإلا ) بأن حصل بلا تعب ( فخمسه ) لأن الواجب [ ص: 97 ] يزداد بقلة المؤنة وينقص بكثرتها كالمعشرات .
ويرد بأن من شأن المعدن التعب والركاز عدمه فأنطنا كلا بمظنته
الحاشية رقم: 1
حاشية الشبراملسي
( باب زكاة المعدن والركاز والتجارة )
( قوله : يقال عدن بالمكان يعدن ) بابه ضرب ا هـ مختار ( قوله : من أهل الزكاة ) أي ولو صبيا ( قوله : بناء على أن الدين لا يمنع ) أي على الراجح