الاسلام هو دين الوحدانية الالهية الذى دعا الى عبادة الواحد الاحد فليس بمسلم من أشرك غير الله فى عبادة او اعتقد ان الله تعالى شبيها ، او اعتقد ان الله متصف بما اتصف به العباد من الخواص الجسمانية فكل ما هو من صفات الحوادث فالله تعالى منزه عنه لانه خالق كل شئ فلا يشبهه شئ من الا شياء . وكما كان الاسلام كذلك فى العقيدة التى طهر بها العقول من الاوهام هو دين الوحدة الانسانية الجامعة فالناس جميعا سواء بالنسبة للاحكام الاسلامية وهو يقرر الوحدة بأمل التكوين فيقول جل شأنه : (وما كان الناس الا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون ) ويقول سبحانه كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين أتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم ) فكان الاتحاد فى أصل التكوين من حيث اتحاد الغرائز والاتجاهات الانسانية سببا فى الاختلاف لأن الأحاد يتنازعون استجابة لغرائز كل واحد منهم اذ أنه حيث استجاب كل واحد لغرائزه تصطدم ارادته مع اداة الآخر الذى استجاب هو أضا الى غرائز فيكون التناحر حيث تصدم الشهوات وتتنازع الارادات وكل يحب لنفسه الاستيلاء على أكبر قدر من المطالب والوصول الى أقصى ما يحب من الغايات والاهداف ولذلك كان لابدمن فاصل يرسم الحدود ويقيد الغايات لتتلاقى فى خط مستقيم من غير انحراف ولا تقاطع بل يكون لكل خط مواز أخيه وكل الخطوط تنتهى الى خدمة الجماعة الانسانية وبذلك تتحد الغايات والاهداف وكأنها النهيات تنتهى مصب واحد وان ذلك الحد الفاصل هو الكتاب المنزل من عند الله تعالى الذى يبين رسالته الى خلقه ولذلك جاء كل رسول من رسل الله تعالى بكتاب يبين الحق ويهدى اليه وقد قال سبحانه وتعالى فى ذلك لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوى عزيز ) ولقد جاء الاسلام فجمع الانسانية حول القرآن الكريم وفيه خلاصة كل الأديان السماوية فدعا الناس جميعا دعوة عامة للخضوع لخالق الناس وعبادته وحده ولذلك خاطب الناس أجمعين فقال تعالى (يأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) (يأ يها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآ منوا خيرا لكم) وقال تعالى يأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا ) وقال سبحانه ك( يأيها الناس انى رسول الله اليكم جميعا ) وقال جل شأنه يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) وهكذا نجد النصوص القرآنية على كثرتها تخاطب الانسانية بأحكام الاسلام لا فرق بين أبيض وأسود ولا احمر واصفر فالجميع مخاطبون بتلك الاحكام الاسلامية .لقد قرر المفسرون ان كل نص قرآنى ابتدأ النداء فيه بيأيها الناس يكون الخطاب فيه للناس جميعا غير مختص بقبيل دون قبيل لأن العنوان فيه للانسانية كلها فكل من يتصف بها داخل فى الخطاب ولقد قال النبى صلى الله عليه وسلم عندما صدع بأمر ربه وخاطب قومه بدعوته انى رسول الله اليكم خاصة والى الناس كافة وانى لنذير لكم بين يدى عذاب شديد ) ولقد قسم النبى صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة لتلقى علم النبوة الى ثلاثة اقسام طائفة تلقت علم النبوة وانتفعت به وطائفة تلقته ولم تنفتع به ولكنها نقلته الى من انتفع به وطائفة اهملته ولم تنتفع به ولم تنقله لمن ينتفه به فقد قال عليه السلام : ان مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب ارضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلا والعشب الكثير وكان منها أخرب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقواوزرعوا واصاب طائفة منه اخرى أنما هى قيعان لاتمسك ماءولا تنبت كلا فذلك مثل من فقه فى دين الله تعالى ونفعه ما بعثنى الله تعالى فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به :جاء الاسلام الحنيف بالتكليف العام للبشرية واذا كانت بعض الرسالات السابقة اقليمية كرسالة لوط مثلا فان رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عامة لاتختص بمكان ولا بقوم كما قال تعالى (وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا) وذلك لانها تلائم كل الناس اذ هى مشتقة من الفطرة الانسانية وجاءت لتوجيهها نحو الخير من عير اعنان أو أكراه .
واذا كانت الرسالة المحمدية لها ذلك العموم انها لاصلاح المجتمع وتوجيهه الى انبل والسبل وأرقاها ولقد عاملت الاجناس كلها وعممت فيهم احكامها فليست هناك أحكام للبيض وأخرى للسود ولااحكام لشرق الارض وأخرى لغربها كما سوت بين الناس فى المعاملة فلا تعامل ذا لون بمعاملة وتعامل اللون الاخر بغيرها بل المعاملة واحدة ولقد بين الله سبحانه وتعالى أن أصل التكوين الانسانى واحد وان الطبيعة الانسانية واحدة والتكليف واحدا والا كانت تفرقة من غير مسوغ لان مقتضى المنطق الاسلامى انه ماثبت لاحد المثلين يثبت للاخر واذا توزعت الارض فانهم يتلاقون على الاتحاد كما ابتدءوا به يقول الله تعالى"ياايها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا" .
ولايصح لهذا أن يحقر انسان للونه ولا لأقليمه ولا لانه غير متحضر ، بل انه لايحقر الانسان أخاه الانسان أبدا ، وأن التفاوت بين الناس انما هو بالفضيلةوعدم الاعتداء وبالعمل الصالح ، ولقد قال النبى صلى الله عليه وسلم :"أن الله لاينظر الى صوركم ، ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم ، ويقول عليه السلام :"كلكم لآدم ، وآدم من تراب ، لافضل لعربى على أعجمى ولا لابيض على أسود الا بالتقوى " وسمع النبى صلوات الله عليه رجلا يقول لآخر يابن السوداء ، معيرا له بسواده فغضب عليه السلام وقال :" لقد طف الكيل ، لقد طف الكيل ، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل الا بالتقوى ".
الرئيسية 
الدردشة|منتديات شباب شارع الهواشم 
