كان علي رضي الله عنه صبيّاً لم يبلغ الحلم , وكان يتردد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدخل عليه, فجاء ذات يومٍ إلى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم فوجده ومعه خديجة بنت خويلد يصليان .
_ وماكان دخول علي على الرسول إلا بسبب القرابة , لأنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال عليّ : يامحمد, ماهذا الذي تفعل أنت وزوجك؟!
فقال له رسول الله: هذا دين الله الذي اصطفاه لنفسه, وبعث به رسله _دين الإسلام_ فأدعوك إلى الله وحده , لاشريك له , وإلى عبادته سبحانه, وأن تكفر باللات والعزى.
فقال له علي: هذا أمر عجيب, لم أسمع به قبل اليوم, ولست بقاضٍ أمراً حتى أحدث به أبا طالب _يريد أباه_ .
كره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفشي له سره قبل أن يُظهر أمر ويكثر أتباعه , فقال له :
ياعليّ اذا لم تسلم , فاكتم الأمر عليّ ولا تخبر به أحداً.
فمكث علي تلك الليلة لم تغمض له عين , وهو يفكّر في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام , ثم أوقع الله في قلبه حب الإسلام , فأصبح غادياً على الرسول في الصباح حتى جاءه ,
فقال: يامحمد , ماذا عرضت عليّ بالأمس؟
فقال له صلى الله عليه وسلم: عرضت عليك أن تشهد (أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له) وأن تكفر باللات والعزى وتتبرأ من الأنداد والأوثان.
ففعل علي رضي الله عنه مادعاه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكتم إسلامه ولم يظهره لأحد ,
ومكث يأتي الرسول لزيارته على خوفٍ من أبيه (أبي طالب) ولهذا كان يقول بعد أن فشا أمر الأسلام :
( اللهم لا أعرف عبداً عبدك من هذه الأمة قبلي , غيرَ نبيك محمد , وأبي بكر , وبلال , ولقد صليت قبل أن يصلي الناس _يعني أنه صغير عمره سبع سنين_ وأنا رابع أربعة من المسلمين)
يقصد بقوله (رابع أربعة) أنه رابع أربعة أشخاص دخلوا في الإسلام بدليل قوله في بعض الروايات :
قلتُ من معك؟ قال: حر, وعبد , فأما الحر فهو (أبو بكر بن أبي قحافة) وأما العبد (بلال) مولى أبي بكر, فالرسول أولهم وأبو بكر ثانيهم وبلال ثالثهم, و(علي) رابعهم.
........................
حادثة من أبي طالب تدعو إلى الضحك
روي عن حبّة العرني قال: رأيت علياً رضي الله عنه يوماً على المنبر يضحك _ولم أره يضحك ضحكاً أكثر منه في ذلك اليوم حتى بدأت نواجذه_ قلمّا نزل عن المنبر ,
سألوه عن سبب ضحكه , فقال: ذكرت قول (أبي طالب) يريد أباه, ظهر علينا وأنا مع رسول الله نصلي ببطن نخلة ,
فقال للرسول ولأبنه: ماذا تصنعان ياابن أخي؟ قال: نصلي نعبد الله ,
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان, فقال له أبو طالب: ما بالذي تصنعان بأس, ولكن لاتعلوني إستي أبداً ! ) هذه القصة رواها أحمد , انظر كتاب حياة الصحابة 1/59
يعني بالإست: المقعدة , يريد أنه لايرضى لنفسه أن تصبح مقعدته أعلى من وجهه إذا سجد _فلما تذكر علي قول أبيه ضحك , تعجباً من قوله , وهي كلمة تدعو فعلاً للضحك والإستغراب.
وهي أيضاً تدل على عدم إيمان (أبي طالب) واستكباره عن السجود لله تعالى.
رضي الله عن الصحابي الجليل ابن ع م رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله عنه
اللهم اجعل صبيان المسلمين أمثاله وأمثال أصحابه وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم
جزاكم الله خيراً