لا بد للإنسان كي يكون سوياً ومتزناً أن يؤمن بعقيدة تقنع عقله وتُطمئن
قلبه وتقدم له منهجاً في الحياة يضمن له الثبات على الحق واجتناب الباطل.
وذلك لا يتوفر حقيقة إلا في الإسلام إذ أنه يقدم أدلة عقلية موضوعية تبين
أنه لا يمكن أن يكون إلا من عند الله خالق الكون والإنسان، من خلال تبيان
دلائل النبوة والقرائن التي تجزم بصدق رسالة نبي الإسلام محمد عليه الصلاة
والسلام وأن القرآن حقاً وحيٌ منزل من عند الله. وهذه العقيدة تعطي الإنسان
هدفاً في الحياة وتبين له الغاية من الوجود وتقدم منهجاً كاملاً لحياته...
بدأتُ دراسة علم النفس في الجامعة بعد أقل من عام من التزامي بالإسلام عن
اقتناع نتيجة بحث فلسفي وقراءات في الأديان والعقائد، وكنت قد اخترت هذا
الاختصاص حباً بمعرفة حقيقة النفس البشرية والسبل التي تؤدي إلى الصحة
النفسية والسعادة ورغبة في مساعدة الناس للتخلص من مشاكلهم النفسية.
درست في جامعة في بيروت تعتمد المنهج الأميركي، وهو المنهج الأشهر والذي
يلاقي إقبالاً كبيراً حول العالم، وخلال دراستي، استنتجت أن هناك فجوة
كبيرة في علم النفس الغربي لا يملأها إلا الإسلام، وكانت أستند في رأيي هذا
إلى قوله تعالى: فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ [البقرة : 38] فإن نتيجة اتِّباع هدى الله بالشكل الصحيح وفق
سنة النبي عليه الصلاة والسلام يؤدي إلى وقاية من الخوف والحزن، اللذان
يرتبطان بأكثر الأمراض النفسية انتشاراً: القلق والاكتئاب.
فالخوف إنما يكون من المستقبل وما يخفيه أو من خطر يترقبه الإنسان ويحذر
منه، وأعظم ما يخيف الإنسان هو الموت، السبب الأساس في اضطرابات القلق
والخوف. أما الحزن فيكون على ما مضى في حياة الإنسان من أحداث أليمة أو على
ما فاته من خير ومتاع. والمؤمن الذي يتَّبع الهدى لا يصيبه الخوف كما يصيب
غير المؤمنين أو ضعاف الإيمان لأنه يعرف حقيقة الحياة الدنيا وأنها دار
ابتلاء ويعرف حقيقة الموت وما بعد الموت فيستعد له بترك المعاصي وتجنب
الحرام والالتزام بالواجبات وعمل الخير، فيزول بذلك الخوف والتوتر والقلق
وينخفض ذلك كله إلى أدنى المستويات. أما غير المؤمنين فيصابون بالقلق أو
حتى الهلع بمجرد ذِكر الموت، لأنهم لا يدركون حقيقة الحياة ولا يعرفون
حقيقة الموت وما بعده ولم يستعدوا له، كالطالب الكسول عند ذِكر موعد
الاختبارات.