ذكرُ حُفَّاظِ كتابِ سيبويه "في النحو واللغة والمعاني".
أدام الله سروركم وأطاب عيشكم وأعلى مناركم
لا يخفى على شريف علمكم ما لكتاب سيبويه من المكانة عند أهل العربية
فمنذ أن وضعه صاحبه والناس به منشغلة وعليه معتكفة وفي رياضه راتعة ولعجائبه خاضعة
فمن عاكف على درسه وفهمه سنوات عدة
ومن شارح وجامع بين الشروح ومعلق ومختصر وراد ومدافع
حتى بات يُمدح عندهم في الفن ويُقدم من حلَّ كتابه وفهمه ومارسه
وبات عندهم أن من لم يقرأه ويفهمه لم يفهم النحو ولم يعرف شيئا وإن قرأ غيره.
قال أبو حيان في النُضار في المسلاة عن نُضار _وهو كتاب صنفه في أخباره وأخبار شيوخه وهو كثير الفوائد ونضار ابنته_ : كان_ أحمد بن عبد النور المالقي تـ702هـ _ عالما بالنحو ، وكان لا يقرأ كتاب سيبويه ، فكان أصحابنا إذا ذُكر يقولون : هل يقرأ كتاب سيبويه ؟ فيقال : لا ، فيقولون : لا يعرف شيئا . بغية السيوطي 1/ 331.
ومعالم الاعتناء بهذا الكتاب بارزة في كتب التراجم والسير والفهارس
قال العلامة الحَفَظَة محمد عبد الخالق عُضيمة في المغني في تصريف الأفعال ص 10:"من مظاهر العناية بكتاب سيبويه أن بلغ عدد النحويين الذين عرف عنهم أنهم فقهوا هذا الكتاب ودرسوه 150 نحوي، شرحه منهم خمسون نحويا ، وشرح شواهده سبعة عشر نحويا، وكان يحفظه ويستظهره عشرة، وهذا فيما أحصيت، ولولا خوف الإطالة لذكرت أسماء هؤلاء"ا.هـ
قلت وعدد المعتنين في كل ما ذكر أكثر من ذلك فلعله لم يستقص أو كان السبب عدم وقوفه على بعض كتب التراجم التي طبعت بعده.
وكتاب سيبويه لا يحتاج إلى غيره وغيره محتاج إليه
قال محمد بن يزيد المبرد: " لم يعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه، وذلك أن الكتب المصنّفة في العلوم مضطرة إلى غيرها، وكتاب سيبويه لا يحتاج من فهمه إلى غيره "
وقال الزمخشري يمدح كتاب سيبويه رحمه الله:
ألا صلى الإله صلاة حق على عمرو بن عثمان بن قنبر
فإنَّ كتابه لم يغن عــنه بنو قلم ولا أبناء منـــبر
وفي هذا الموضوع المتواضع نجمع من وقفنا على أنه حفظ الكتاب عن ظهر قلب
ونلحق بهم من حفظ أكثره منصوصا على ذلك
ومن ذُكر عنه ما يستلزم حفظه فقط.
وفي ذلك فوائد:
أهمها رفع الهمة والاقتداء.
وبيانُ خطرِ هذا الكتاب.
ومكانةِ من حَفِظهُ، واعتنى به.
والغرضِ الذي كان طالب العلم من أسلافنا يرمي إليه.
واعتنائهم بحفظ كبار الكتب إذا كانت أصولا وعدم اقتصارهم على المختصرات والمتون، وفي كتب التراجم والفهارس من هذا النوع كثير مشهور.
وغير ذلك.
فممن حفظه كله عن ظهر قلب:
1_ حمدون النحوي المعروف بنعجة محمد بن إسماعيل توفي بعد المائتين
كان مقدما في النحو واللغة يحفظ كتاب سيبويه ويتقعر في الكلام ويتشادق .
طبقات الزبيدي ص235 ، والبلغة ص 21
و هو الذي ذكره الحافظ في نزهة الألقاب1/ 213 حيث قال:
" ومحمد بن إسماعيل الفراء النحوي كان يحفظ كتاب سيبويه مات قبل الثلاثمائة". ليس غيره
وهو أول من حفظه فيما بلغنا.
2_ محمد بن موسى بن هاشم الأفشين _اختلف في لقبه_ القرطبي المتوفى سنة 309 هـ ذكر الرافعي في تاريخ الأدب العربي 3/315: أنه كان يحفظ الكتاب وبحثت في ترجمته فيما بين يدي من المصادر فلم أجد ما يشير إلى ذلك فالله أعلم.
3_ ابن الوزان أبو القاسم إبراهيم بن عثمان القيرواني (ت346هـ)
شيخ المغرب في النحو واللغة، حفظ كتاب سيبويه، والمصنف الغريب، وكتاب العين وإصلاح المنطق ، وكتب الفراء ، وغير ذلك.
طبقات الزُبيدي ص 247، والسير 15/ 540، وغيرهما.
قلت هذه كتبٌ كبارٌ أصولٌ في فنها لا يُستغني عن النظر فيها ودرسها.
4_ خلف بن يوسف بن فرتون أبو القاسم بن الأبرش الأندلسي الشنتريني النحوي (ت532هـ)
كان يستظهر كتاب سيبويه وأدب الكتاب والمقتضب والكامل .
بغية الوعاة 1/ 557 وغيره.
قلت : هذه كتب كبار أصول في فنها وهو ظاهر إلا في المقتضب للمبرد وحقه أن يكون من الأصول لكن كما قيل إن للكتب حظوظ من الخمول والشهرة والاعتناء كما للعلماء في ذلك ، ولذلك أثر عن بعض أهل العلم والأدب حفظه منهم أبو الحسن محمد بن محمد بن عيسى النحوي المعروف بالخيشي كما في سؤالات السلفي لخميس ص 87
وينظر مقدمة العلامة عُضيمة عليه لمعرفة مكانة هذا الكتاب.
5_ أبو الحسن علي بن النضر الأسنائي قاضي الصعيد .
كان يحفظ كتاب سيبويه توفي بمصر سنة 505هـ
معجم البلدان 1/ 189.
6_ القيرواني العلامة الأصولي الأشعري المتكلم شيخ القراء أبو عبد الله محمد بن عتيق المعروف بابن أبي كُدَيَّة تـوفي سنة 512هــ
قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان : كان يحفظ كتاب سيبويه.
قال ابن عقيل : هو شيخ هش حسن العارضة جاري العبارة حفظة متدين صلف تذاكرنا فرأيته مملوءا علما وحفظا.
كانت بينه وبين الحنابلة فتن.
السير للذهبي 19/ 417 وانظر في حواشيه ، و الوافي للصفدي 4/ 59 .
7_ الأستاذ الإمام أبو الحسن علي بن أحمد ابن خلف الأنصاري المقرئ المعروف بابن الباذش .
إمام كبير مشهور من شراح الكتاب
كان رحمه الله من الحفاظ لكتاب سيبويه المبرزين في النظر في معانيه من أهل الخير والرواية
توفي سنة 528هـ
فهرسة ابن عطية ص 101 ، وغيره.
8_ ابن الطَرَاوة سليمان بن محمد بن عبد الله السبائي النحوي أبو الحسين تـ528هـ
كان واقفا على كتاب سيبويه لا يعلم أحد من أهل عصره كان أعلم به منه ولا أحفظ له.
قال أبو بكر ابن سمحون: ما يجوز على الصراط أعرف منه بالنحو.
له أقوال تفرد بها خالف فيها جمهور النحاة فذمه بعضهم بذلك.
وله المقدمات على كتاب سيبويه خالفه وانتقده حتى ثار عليه معاصروه ولابن الضائع رد عليه
التكملة لابن الأبار4/ 92، والبغية 1/ 602، وغيره ، وينظر "أبو الحسين بن الطراوة وأثره في النحو".
9_ أبو الزهر نابت بن المفرج بن يوسف الخثعمي الضرير ، توفي في سنة 545هــ
قال العماد الكاتب: كان يحفظ كتاب سيبويه، وكان هجاءً، ومن شعره في الهجاء قوله:
ونابت هو في ذا الدهر نائـبة undefined وأقرع وهو عندي من قوارعه
قفاه يشهد وهو العدل أن يدي undefined لا توقع الصفع إلا في مواقعه (ابتسامة).
تكملة الإكمال لابن نقطة 3/45، نكت الهميان للصفدي ص 254.
10_ عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن يزيد السعدي اليحصبي أبو محمد يعرف بابن الأديب ، مات سنة 557هــ
قال ابن الزبير : كان أستاذا نحويا ، من أهل المعرفة التامة بالعربية والأدب ، فذّ الناس في ذلك في وقته، يحفظ كتاب سيبويه كحفظه للقرآن ، عارفا مع ذلك بالقراءات والفقه ، مشاركا في علوم .
البغية 1/ 38.
11_ محمد بن حجاج بن إبراهيم الحضرمي أبو عبد الله وأبو بكر الوزير المعروف بابن مطرف الإشبيلي، تـ 607هـ
كان قرأ النحو على الشلوبين ، وكان يحفظ كتاب سيبويه.
وكان يطوف في اليوم والليلة ستين أسبوعاً
البغية 1/ 74.
12_ على بن عبد الله الغسانيّ الزيتوني ( 609 هـ ) .
حفظ كتاب سيبويه .
البغية 2/ 172
13_ السنهوري هو أبو إسحاق إبراهيم بن خلف بن منصور الغساني تــ620 هـ
قال ابن المستوفي في ترجمته من تاريخ إربل 1/ 258: وحدثني أنه قرأ "كتاب سيبويه" على أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي حفظا _ والله أعلم _ وتحدث الناس فيه. ا.هـ
اتهم وضرب وكان حزمي المذهب وله مع ابن دحية حوادث والله أعلم بصحة ما يذكر عنه.
ترجمه في اللسان 1/54، وغيره.
14_ تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ت 613 هـ.
قال ابن النجار وأظنه كان يحفظ كتاب سيبويه، لأني ما دخلت عليه قط إلاّ وهو في يده يطالعه، وكانت له به نسخة في مجلدة واحدة بخط الدقاق النحوي دقيقة الخط، فكان يراها بلا كلفة وقد بلغ التسعين، وكان قد متعه الله بسمعه وبصره وقوته .
بغية الطلب لابن العديم 9/4012.
وفي البلغة1/22:كان مستحضرا لكتاب سيبويه.
15_ محمد بن عبد المنعم الصنهاجي الحميري أبو عبد الله السبتي ، مات سنة 727هـ.
كان من صدور الحفاظ ، لم يستظهر أحد في زمانه من اللغة ما استظهره آية تتلى ومثال يضرب قائماً على كتاب سيبويه يسرده بلفظه اختبره الفاسيون في ذلك غير ما مرة وكان يستظهر صحاح الجوهري .
الإحاطة في أخبار غرناطة3/134، والدرر الكامنة 5/ 282 والبغية 1/ 164.
16_ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي تــ 756 هـ.
قال ابنه في الطبقات 10/ 198 : وأما استحضاره لكتاب سيبويه وكتاب المقرب لابن عصفور فكان عجيبا ولعله درس عليهما.
وقد ذكر ابنه عجبا من محفوظات والده منها الكتب الستة وغيرها والله أعلم بصحة ذلك والأصل الصحة .
17_ محمد بن موسى بن النعمان أبو عبد الله، المزالي التلمساني تـ 683هـ.
كان غاليا في أشعريته منحرفا على الحنابلة وهو صاحب كتاب مصباح الظلام
قال الذهبي في تاريخ الإسلام : وقيل: إنه كان يحفظ "سيبويه ".
تاريخ الإسلام 51/170، والعبر3/ 354.
يـــــــــــتــــــــبــــــع