" ألا أستحى من رجل تستحى منه الملائكة" بهذا الحديث النبوى الشريف أبدأ الكلام عن هذا الصحابى الجليل.
إنه صنف من الرجال الأطهار يندر وجوده فى كل العصور والازمان...رجل تستحى منه ملائكه الرحمن.
نعم إنه ذو النورين (عثمان بن عفان) - رضى الله عنه - ذلكم الرجل الذى إذا جاءت سيرته بين ثنايا سطورها ريح الحياء والتواضع والجود والكرم والخشية.
ولد الصحابى الجليل بعد عام الفيل بست سنين ، وكان حسن الوجه رقيق البشره عظيم اللحيه بعيد ما بين المنكبين.
ويشهد على ذلك على بن أبى طالب عندما سألوه عن عثمان فقال " ذاك امرؤٌ يُدعَى فى الملأ الأعلى ذا النورين " .
كان رضى الله عنه فى أيام الجاهلية من أفضل الناس فى قومه فهو عريض الجاه ثرياً متواضعاً شديد الحياء ، لم يسجد فى الجاهلية لصنم قط ولم يقترف فاحشة قط ولم يظلم إنسانا قط.
وما هى إلا فترة يسيره حتى بُعِثَ النبى وكان عثمان من السابقين للإسلام.
ولقد شَهِد عثمان -رضى الله عنه - المشاهد كلها مع رسول الله ماعدا غزوه بدر لان النبى خلَّفه على ابنته رقية لانها كانت مريضه فحزن عثمان لذلك حزنا شديداً.
ولاننسى موقفه الخالد فى تجهيز جيش العُسرة فعندما جاءت غزوه تبوك والناس فى عسرة شديدة ، فقد روى عبد الرحمن بن سمرة - رضى الله عنه - أن عثمان جاء إلى النبى بألف دينار فى كُمّه حين جهز جيش العسرة ، فنثرها فى حجره ، فرأيت النبى يقلبها فى حجره ويقول : ماضّر عثمان ماعمل بعد اليوم ، ماضّر عثمان ماعمل بعد اليوم.
ويقول عبد الرحمن بن عوف " شهدت رسول الله وقد جاءه عثمان فى جيش العسرة بسبعمائة أوقية من الذهب "
وقام رضى الله عنه بتجهيز الجيش كله حتى لم يتركه بحاجه الى خِطام أو عقال .
وفى موقف آخر لايقل جلالة عن سابقيه عندما كان المسلمون لا يجدون الماء العذب قام النبى صلى الله عليه وسلم يعرض على أصحابه تلك الصفقه الرابحة فقال : " من حفر روما فله الجنة " فقام عثمان السبّاق إلى الخير فحفرها ففاز بثواب كل من شرب شربة منها أو توضأ بهذا الماء.
وها هى البشرى بالشهادة وبالجنة يزفها إليه الصادق المصدوق الذى لاينطق عن الهوى عندما قال : " إن ابى بكر فى الجنه وعمر فى الجنه وعثمان فى الجنه وعلى فى الجنه " الى آخر الحديث .
ولما آلت الخلافة الى عثمان بن عفان فتح الله على يديه " أرمينية " و " القوقاز"
ونصر المسلمين وسوَّدهم على خراسان وكرمان وسجستان وقبرص ومناطق متفرقة فى أفريقيا.
وأيضا تم فى عهده جمع القرآن الكريم ففي عهده أنتشر الإسلام في بلاد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قرائات متعددة وأنتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من أختلاف كتابة القران، وتغير لهجته جمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الامام ولقى الناس فى عهده من الثراء ما لم يحظ به شعب على ظهر الأرض.
وحان وقت الرحيل فقد قُتِل عثمان بن عفان في السنة 35 للهجرة وبشكل شنيع. وكان سنه عند قتله اثنان وثمانون عاماً. ودفن باالبقيع.
كان مقتله على يد مجموعة من الساخطين على حكمه، والذين تم اعتبارهم لاحقًا مارقين وخارجين على إجماع أهل الحل والعقد، وكان مقتله مقدمة لأحداث جسام في تاريخ المسلمين مثل موقعة الجمل (36 هـ) وموقعة صفين.
ومن أقوال الرسول فى مقتل عثمان.....عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل، فقال: يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان بن عفان .
عن كعب بن عجرة، قال: ذكر فتنة، فقربها فمر رجل مقنع رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يومئذ على الهدى، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله فقلت: هذا؟ قال: هذا.
ومن أقواله المأثوره رضى الله عنه
*هم الدنيا ظلمة في القلب ,و هم الآخرة نور في القلب.
*من ترك الدنيا أحبه الله تعالى , ومن ترك الذنوب أحبه الملائكة و أحبه المسلمون.
*وجدت حلاوة العبادة في أربعة أشياء:أولها في أداء فرائض الله ,و الثاني في إجتناب محارم الله , و الثالث في الأمر بالمعروف ابتغاء ثواب الله , و الرابع في النهي عن المنكر اتقاء غضب الله.
*أربعة ظاهرهن فضيلة و باطنهن فريضة :
مخالطة الصالحين فضيلة و الإقتداء بهم فريضة, و تلاوة القرآن فضيلة و العمل به فريضة, و زيارة القبور فضيلة و الإستعداد لها فريضة , و عيادة المريض فضيلة و اتخاذ الوصية فريضة