الفصل الأول
الأسلوب الصحيح لمعرفة مذهب الشيعة الإمامية
الشيعة الإمامية عنوان عام تندرج في ضمنه أغلبية الشيعة الذين يعتقدون بإمامة الأئمة الإثنى عشر (ع) من بعد رسول الله (ص) ، وما ينسب إليهم يمكن تقسيمه إلى الأقسام التالية :
الأول : ما هو معلوم لديهم بالضرورة بكونه من المذهب ،كالقول بإمامة أمير المؤمنين (ع) بلا فصل بعد رسول الله (ص) .
الثاني : ما كان محل بحث واجتهاد ، ولم تتفق فيه كلمتهم على قول واحد كما هو الحال بالنسبة لكثير من الأقوال عند سائر المذاهب الإسلامية ، فإنّ الخلاف بين المذاهب الأربعة وغيرها من أهل السنة لا يقل عن الخلاف بينهم وبين الشيعة في مسائل العقيدة والفقه وغيرهما ، وهذا الصنف من المسائل لاشك في صحة نسبته لقائله ، ولكن قول أحد من الفقهاء فيه ليس بالضرورة يمثل الصحيح من المذهب ، ففرق بين أنْ يُقال أنه مذهب الشيعة الإمامية ، وبين أنْ يُقال أنه قول بعض الشيعة الإمامية ، كما أنّ المسائل التي هي محل اجتهاد عند السنة كذلك ، الصحيح أنْ تنسب لقائلها ، وأما نسبتها إلى جميع
السنة أو الصحيح من مذهبهم فقد يكون غير موافق للأمانة العلمية .
الثالث : ما كان قول عامة الشيعة بخلافه ، وكان من الأقوال الشاذة التي يكفي إعراض الفقهاء على ممر التاريخ عنه دليلاً على عدم كونه من المذهب وإنما ينسب إلى قائله كقول شاذ اختص به ذلك القائل ، وأنه لا علاقة له بمذهب الإمامية ، وهو مقتضى الدقة العلمية ، وتكثر الأقوال الشاذة في بعض الحالات لا يستلزم كونه من الأقوال المسلمة ولا ينافي شذوذها ، إذ أنَّ هذا التعدد والتكثر لا يخلو في الحال من أحد أمرين :
أحدهما : أنْ يكون هذا التعدد والكثرة وقع في زمان واحد وفي أوقات متقاربة ، فحينئذ لا يمكن مع كثرة الأقوال دعوى الشذوذ كما هو واضح .
ثانيهما : أنْ تكون الكثرة نتيجة قول جماعة متفرقة في قرون طويلـة بـه ، كأنْ يكون قولاً شاذاً قال به عدة متفرقون في أكثر من عشرة قرون ، فمثل هذا التعدد من الواضح أنه لا يتنافى مع كون القول من الأقوال الشاذة والنادرة فوجود عشرين أو ثلاثين خلال ألف سنة في الآف الفقهاء والمحققين عدد نادر لا يُعتد به ، كما في قول جماعة منهم الشيخ الصدوق (قدس سره) بجواز صدور السهو من النبي (ص) في الصلاة ، فإنه وإنْ قال به بعض فقهاء الإمامية ، لكنه قول شاذ نادر أعرض عنه الفقهاء ولم يقبلوه ، ونفس