الهندوسية في الميزان
بعد أن استعرضنا جملا من دين الهندوس تعريفا وعرضا، كان من الأهمية بمكان أن نعرض لتلك الجمل من دينهم نقدا وتقويما حتى لا نكون كمن يعرض بضاعة أهل الباطل ويدل عليها .
والمداخل التي ترد على دين الهندوس يمكن تقسيمها إلى قسمين :
الأول : بيان بطلان أصل دينهم .
الثاني : بيان نقض جُمَلٍ من دينهم .
فالمدخل الأول ينصب النقد من خلاله على أصول تلك الديانة، فالهندوسية ليست ديانة سماوية موحى بها من عند الله، بل هي أرضية المنشأ، بل إنها ليست منسوبة حتى إلى شخص بعينه أنشأها ودعا الناس إليها، بل هي عبارة عن معتقدات وعادات ونظم وسلوكيات قوم سجلت ودونت فاتخذها أجيالهم من بعدهم دينا يتبعونه ومنهجا يسيرون عليه، ووفقا لهذا التقرير فليس للهندوسية طابع الإلهية وبالتالي فليست معصومة من الخطأ، بل معتقداتها وعباداتها ما هي إلا آراء وتخيلات بشرية .وانتفاء صفة الإلهية عن الهندوسية شامل لمخترعي هذه الديانة من حيث أنهم ليسوا رسلا من عند الله ، وشامل لكتب تلك الديانة من حيث أنها غير منزلة من عند الله سبحانه . وبذلك تبطل هذه الديانة من أساسها وتصبح غير ذات قيمة كدين يجب اتباعه .
هذا من حيث ما يدخل على الهندوسية في أصل دينهم ، أما ما يدخل عليهم في تفاصيله فالمداخل كثيرة ويمكننا أن نقتصر اختصارا على بعض الجمل :
1- تعدد الآلهة : فالآلهة عند الهندوس كثيرة ومتعددة فتبدأ من كواكب السماء وتنحط إلى فئران الحقل وبقر الطرقات، بل حتى الأفاعي في جحورها هي آلهة أيضا، فالكل متولد عن الإله أو مساعد له أو مظهر من مظاهره ، وهذا لا شك من أبطل الباطل وأمحل المحال، فهذه مخلوقات يعلم الكل ويشهد أنها لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فكيف تعبد ولأي غاية يتقرب إليها، وهي أضعف ممن يعبدها فعبادة هؤلاء ضعف في العقل وضلال في الدين .
2- الطبقية عند الهندوسية وهي من أشنع الطبقيات وأقبحها وأرذلها، فالطبقية ربما حصلت في بعض المجتمعات لكن كان بالإمكان التخلص منها بل والثورة عليها، وهي في كل الأحوال حالة مجرّمة عند البشر، لكنها عند الهندوس قدرا إلهيا وأمرا ربانيا ومن يخالفه يشقى في ديناه وبعد موته، فمن ولد من الخدم يظل طيلة عمره خادما ولا يحق له أن يترفع عن هذه المهنة أو أن يكون له طموحاته في التحرر ، فالطبقية قيد على معصمه لا يستطيع الخلاص منه إلا أن يتحرر من الهندوسية ذاتها ، والطبقية في الهندوسية دليل على أرضية وبشرية هذه الديانة .