1. التعريف بالشركة.
تأسست الشركة الوطنية للتأمين التعاوني في عام 1986م كشركة مساهمة سعودية مغلقة ، وهي مملوكة بالكامل لمؤسسات حكومية سعودية مبينة كما يلي:
صندوق الاستثمارات العامة 50%، المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية 25%، صندوق معاشات التقاعد 25%. والغرض من إنشاء الشركة مزاولة أعمال التأمين التعاوني، ويتمثل النشاط الرئيسي للشركة في تقديم كافة خدمات التأمين من سيارات ، بحري، حريق، طاقة، طبي، هندسي، طيران، وتأمين حوادث متنوعة.
وتدير الشركة أعمال التأمين بالإنابة عن المؤمن لهم ،كما تقوم بتقديم التمويل لعمليات التأمين عند الحاجة.
وتتقاضى الشركة أتعاباً مقابل إدارة استثمارات عمليات التأمين تعادل 10% من صافي إيرادات استثمارات عمليات التأمين.
بيع 70% من أسهم الشركة للمواطنين.
وقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 112 وتاريخ 5/4/1425هـ، القاضي ببيع كامل الأسهم المملوكة للدولة من صندوق الاستثمارات العامة في الشركة التعاونية للتأمين ونسبته 50%، ونسبة 10% من مساهمات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ونسبة 10% من مساهمات المؤسسة العامة للتقاعد. فيكون إجمالي النسبة 70% .
وحدد يوم الثلاثاء التاسع من ذي القعدة من عام 1425هـ لطرح الاكتتاب للمواطنين (1).
2. أنواع التأمين:
ينقسم التأمين من حيث شكله إلى قسمين:
القسم الأول: التأمين التعاوني، أو التبادلي.
أ- مفهومه: "أن يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً، وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز، وأعضاء شركة التأمين التعاوني لا يسعون إلى تحقيق ربح، ولكنهم يسعون إلى تخفيف الخسائر التي تلحق بعض الأعضاء، فهم يتعاقدون ليتعاونوا على تحمل مصيبة قد تحل ببعضهم" (2).
أ- حكمه: أفتى بجوازه كل اللقاءات الفقهية التي تناولت التأمين وأهمها:
أسبوع الفقه الثاني المنعقد في دمشق سنة 1961م وهو المعروف بمهرجان ابن تيمية، وكذلك مؤتمر العلماء الثاني المنعقد بالقاهرة عام 1385هـ، والمؤتمر السابع المنعقد أيضاً في القاهرة عام 1392هـ، والمؤتمر الأول للاقتصاد الإسلامي المنعقد في مكة عام 1396هـ، والمجمع الفقهي السابع لرابطة العالم الإسلامي في عام 1398هـ ، وقرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في قرارها رقم 300/2/1399، وقرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1406هـ.
ولهذا نقل الإجماع على جوازه عدد من الهيئات الشرعية كهيئة الراجحي الشرعية في فتواها رقم (40)، وكذلك الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا " رحمه الله" (3).
ولكن في هذا الإجماع نظر إذ يوجد من فقهاء العصر من يخالف في هذه المسألة ويرى التحريم، ومنهم الدكتور سليمان الثنيان في كتابه التأمين وأحكامه (4).
القسم الثاني: التأمين التجاري أو ذي القسط الثابت.
مفهومه: وفي هذا ينفصل المؤمن (وهو شركة التأمين) عن المستأمنين الذين تتعاقد مع كل واحد منهم على حدة ويقوم المؤمن بتوزيع المخاطر على المؤمن لهم في صورة أقساط دورية ثابتة يحددها طبقاً لما تقتضيه الأسس الفنية التي يعتمد عليها والمتمثلة في قواعد الإحصاء. ويلتزم المؤمن طبقاً لهذا العقد بدفع مبلغ التأمين عند تحقق حدوث الواقعة التي يتوقف عليها استحقاقه ويتعهد المؤمن (وهو شركة التأمين) بدفع هذا المبلغ بدون التضامن ولا التنسيق مع المستأمنين وما يزيد لديه من مبالغ فإنه يستأثر بها المؤمن ويتحمل الخسارة (5).
حكمه: اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم هذا التأمين على قولين:
القول الأول: التحريم وهو قول جمهور الفقهاء المعاصرين، وبه صدر قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51 وتاريخ 4/4/1397هـ. وكذلك مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى شعبان 1398، وكذلك المجمع الفقهي الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، القرار رقم 9(9/2) سنة 1406هـ=1985م.
القول الثاني: الجواز،وبه صدر قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي لمصرفية رقم 40 (6) وانتصر له من الفقهاء المعاصرين الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله (7).
والذي يترجح للباحث حرمة التأمين التجاري، لقوة أدلة المحرمين وضعف أدلة المجيزين. ولا يمكن خلال هذه العجالة عرض الأدلة ومناقشتها.
3. الفرق بين التأمين التجاري والتعاوني.
لقد ذكر الفقهاء المعاصرون عدة فروق، وتكمن أبرزها فيما يلي:
الفرق الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار ، فالأقساط المقدمة من حملة الوثائق في التأمين التعاوني تأخذ صفة الهبة (التبرع) (
.
أما التأمين التجاري فهو من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية .
الفرق الثاني: أن التعويض في التأمين التعاوني يصرف من مجموع الأقساط المتاحة.فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق. وإذا لم يمكن زيادة الاشتراكات للوفاء بالتعويض لم يقع التعويض ، إذ ليس هناك التزام تعاقدي بالتعويض. أما التأمين التجاري فهناك التزام بالتعويض مقابل أقساط التأمين. ويترتب على هذا الالتزام تحمل الشركة لمخاطرة الأصل المؤمن عليه دون سائر المستأمنين. ولذا كان الهدف من العقد هو المعاوضة، ولكن هذه المعاوضة لا تسمح بربح الطرفين، بل إن ربحت الشركة خسر المستأمن وإن ربح المستأمن خسرت الشركة. فهي معاوضة تتضمن ربح أحد الطرفين مقابل خسارة الآخر ولابد وهذا أكل المال بالباطل (9).
الفرق الثالث: في التأمين التجاري لا تستطيع الشركة أن تعوض المستأمنين إذا تجاوزت نسبة المصابين النسبة التي قدرتها الشركة لنفسها، أما في التأمين التعاوني، فإن مجموع المستأمنين متعاونون في الوفاء بالتعويضات التي تصرف للمصابين منهم، ويتم التعويض بحسب المتاح من اشتراكات الأعضاء.
فالمستأمن في التأمين التعاوني لا ينتظر مقداراً محدداً سلفاً إذا وقع الخطر، وإنما ينتظر تضافر قرنائه بتعويضه بحسب ملاءة صندوق التأمين وقدرة الأعضاء على تعويضه. فالطمأنينة التي يشعر بها المستأمن تعاونياً نابعة من شعوره بوقوف الآخرين معه، وليس من عوض محدد بمقتضى التزام تعاقدي غير صادق في حقيقته، كما هو الحال في التأمين التجاري (10).
الفرق الرابع: أن التأمين التعاوني لا يقصد منه الاسترباح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المستأمنون وتعويضات الأضرار التي تقدمها الجهة المؤمِّن لديها بل إذا حصلت زيادة في الأقساط المجبية عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار ترد الزيادة إلى المستأمنين (11).
بينما الفائض التأميني في التأمين التجاري يكون من نصيب الشركة.
الفرق الخامس: المؤمِّنون هم المستأمنون في التأمين التعاوني، ولا تستغل أقساطهم المدفوعة لشركة التأمين التعاوني إلا بما يعود عليهم بالخير جميعاً. أما في شركة التأمين التجاري فالمؤمِّن هو عنصر خارجي بالنسبة للشركة، كما أن شركة التأمين التجاري تقوم باستغلال أموال المستأمنين فيما يعود عليها بالنفع وحدها (12).
الفرق السادس: شركة التأمين التعاوني هدفها هو تحقيق التعاون بين أعضائها المستأمنين، وذلك بتوزيع الأخطار فيما بينهم، أي بمعنى ما يشتكي منه أحدهم يشتكون منه جميعاً. وبمعنى آخر أنها لا ترجو ربحاً وإنما الذي ترجوه تغطية التعويضات والمصاريف الإدارية. وعلى العكس من ذلك فإن شركة التأمين التجاري هدفها الأوحد هو التجارة بالتأمين والحصول على الأرباح الطائلة على حساب المستأمنين (13).
الفرق السابع: في شركة التأمين التعاوني تكون العلاقة بين حملة الوثائق وشركة التأمين على الأسس التالية:
أ- يقوم المساهمون في الشركة بإدارة عمليات التأمين، من إعداد الوثائق وجمع الأقساط، ودفع التعويضات وغيرها من الأعمال الفنية، في مقابل أجرة معلومة وذلك بصفتهم القائمين بإدارة التأمين وينص على هذه الأجرة بحيث يعتبر المشترك قابلاً لها .
ب- يقوم المساهمون باستثمار( رأس المال) المقدم منهم للحصول على الترخيص بإنشاء الشركة، وكذلك لها أن تستثمر أموال التأمين المقدمة من حملة الوثائق، على أن تستحق الشركة حصة من عائد استثمار أموال التأمين بصفتهم المضارب.
ج- تمسك الشركة حسابين منفصلين، أحدهما لاستثمار رأس المال، والآخر لحسابات أموال التأمين ويكون الفائض التأميني حقاً خالصاً للمشتركين ( حملة الوثائق).
د- يتحمل المساهمون ما يتحمله المضارب من المصروفات المتعلقة باستثمار الأموال نظير حصته من ربح المضاربة، كما يتحملون جميع مصاريف إدارة التأمين نظير عمولة الإدارة المستحقة لهم
ه- يقتطع الاحتياطي القانوني من عوائد استثمار أموال المساهمين ويكون من حقوقهم وكذلك كل ما يتوجب اقتطاعه مما يتعلق برأس المال. (14).
بينما العلاقة بين حملة الوثائق وشركة التأمين، في التامين التجاري، أن ما يدفعه حملة الوثائق من أموال تكون ملكاً للشركة ويخلط مع رأس مالها مقابل التأمين. فليس هناك حسابان منفصلان كما في التأمين التعاوني.
الفرق الثامن: المستأمنون في شركات التأمين التعاوني، يعدون شركاء مما يحق لهم الحصول على الأرباح الناتجة من عمليات استثمار أموالهم.
أما شركات التأمين التجاري فالصورة مختلفة تماماً؛ لأن المستأمنين ليسوا بالشركاء، فلا يحق لهم أي ربح من استثمار أموالهم، بل تنفرد الشركة بالحصول على كل الأرباح (15).
الفرق التاسع: شركات التأمين التعاوني لا تستثمر أموالها في النواحي التي يحرمها الشرع.
وعلى النقيض من ذلك فشركة التأمين التجاري لا تأبه بالحلال والحرام (16).
الفرق العاشر: في التأمين التعاوني لابد أن ينص في العقد على أن ما يدفعه المستأمن ما هو إلا تبرع وأنه يدفع القسط للشركة لإعانة من يحتاج إليه من المشتركين (17). أما في التأمين التجاري لا ترد نية التبرع أصلاً، وبالتالي لا يذكر في العقد.
4. هل الشركة التعاونية للتأمين تمارس التأمين التجاري أم التعاوني؟.
من خلال رجوع الباحث إلى قوائم الشركة المالية، تبين له ما يلي:
أ- أن الشركة قامت بفصل الذمة المالية لحملة الوثائق عن ذمتها المالية، فهناك حسابان مستقلان أحدهما لحملة الوثائق وآخر للشركة، ، وكذلك قامت باستثمار أموال حملة الوثائق بجزء من صافي الأرباح قدره 10%، وكذلك قامت بإدارة عمليات التأمين بمبلغ مقطوع، وهي بهذه الطريقة طبقت قرار الندوة الاقتصادية الثانية عشرة لدلة البركة.