محمد عبدالناصر عضو مميز
. :
كانت تقف على العشب الأخضر ،بين اذرع التلال الساكنة ،
على العشب الأخضر،
وقفت وعيناها تطوفان بالجبال والسهول ،على مقربة من القرية النائمة في حضن المروج
، ملتحفة السماء ،متوسدةً التلة ، تحلم بالقدر.
وهو يقف بشعره الأسود كسواد الليل وعيونه الواسعة وابتسامته العريضة
، ومعطفه الأسود ، كجبل تغطيه الغيوم.
لحظات مرت تشابكت فيها العيون ،
لتعلن خلالها الروح تمرد سعياً لعناق...لأنصهار...، وتلامست قلوبهما كفراشة الزهر في الربيع
اقترب واقتربت اكثر
وامتدت يداه لتلتف حول خصرها :
ياسمين ،كم احب أن تحتويكِ ذراعي ..ويغمرك فؤادي بحنين وشوق السنين
، وقبل الإجابة التفت ذراعاه التفافا حول جيدها فدفن وجهها في صدره ،
وامتزاج الخجل والشوق ،حاولت تحريك رأسها يمنة ويسرى فوق صدره في محاولة مزيفة للخلاص ، ارتفعت ذراعاها الي عنقه ،تلفه بشوق مجارية بعنف عناقه.
توقف الزمن ، جمدت الأرض عن الدوران ، كيف تدور وقد أصبحت اللحظة محوراً لها .....
وعلى الانحدار تركا أنفسهم ليتدحرجا فوق العشب ،حتى وصلا لخط مستقيم ،
ضحكا معا ،ووقفا معا
راحت عيناها تنطقان بتوتر مغموس بشوق :
كم احن إليك كم اشتاق إليك يا كلماتي في صمتي ، يا فرحي في حزني.
رفع رأسه نحوها ومازلت ذراعيه كطوق فولاذي حولها،همس لها كطفل يتوسل حنان أمه:
كم اشتاق إليك ،
يا طيف يصاحبني على مدار الليلات ، يا زهرة لا تذبل في حياتي والم اللقاء يا وجع البعاد .
ودنا اكثر منها حتى تلامست
الرموش .
واختلطت الأنفاس، وغاصت زفراته تمسح الام الشوق
من جوفها ،
ثم مسح برفق على جبينها وقال:
ما هذا الحزن … لقد تلبدت الغيوم في عينيكِ مكان أشعة الشمس ..سأعيدها من جديد
- كيف؟ وقد سكن الرماد في جوفها ،
وناحت الروح في بعدك، وذبلت أنامل الحب في أطراف فراقك
- أنا هنا،لأعيد الخضرة لصحراء قلبك ، لأناجي القمر من جديد أمسي بضحكاتك على ضيه ، و أغازل شعرك الليلي في ليله
وكغصن رقيق يهتز من شدة الريح كانت بين يديه ، وقطر الندى يسيل من عينيها،
وبتنهيدة محروقة:
فات الاون يا حبيبي ..فات الأوان ،الان انا مجرد زمن مضى
وهمت شفتاه بالحديث …ولكن ،
ودون استئذان … ،
تلاشت هي، وبقي هو ، يدق السراب وطيفها معا في أرجاء المكان ،
وقد طُفأت كل الشموع التي أشعلها قبل نومه.
المصدر : منتدى شباب شارع الهواشم: http://emade.forumegypt.net/t647-topic#ixzz2SSFBM2Lc الاوسمه : الجنسيه : عدد المساهمات : 1008 نقاط : 2907 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 22/02/2012 العمر : 32
| موضوع: قصة قصيرة : كيف تحافظ على السر؟ الإثنين يوليو 09, 2012 11:07 pm | |
|
يحكى أن ملكاً كان يقتل كل حلاق يأتي به ليقص شعره ، ومرت الأيام وبات الحلاقون يطلبون من الله أن لا يكونوا ممن يطلبهم الملك لأن النهاية هي أن تختفي ولا أحد يعرف أين تذهب ، وكان هناك حلاق شاب عرفه الناس لكونه شخصاً بسيطاً طيباً يعمل على خدمة أمه الكبيرة في العمر.
فذهب لفتح محله ووجد هناك رجلين من القصر قادمين لأخذه كي يحلق للملك شعره ، ارتعدت فرائسه وبدأ في البكاء ، ودخل إلى الملك باكياً فاقداً أعصابه فسأله ما بك؟
فأجاب الحلاق : كل من جاء هنا ليحلق لك لم يعد حياً ... وتقول لي ما بك؟
فقال الملك : لكنك ستعود حياً لأنني علمت ما تفعله مع أمك من خير.
ابتسم الحلاق وقال له : شكراً شكراً ايها الملك العظيم
فقال الملك مقاطعاً إياه : لكن هناك سر يجب أن تحفظه
فسأل الحلاق مرعوباً : وما هو؟
قال الملك : ستعرف عندما تحلق لي
اقترب الحلاق ونزع عن الملك القبعة التي اشتهر بها وكانت تخفي أذنيه وشعره ، وتفاجىء من المنظر الذي رآه ... أذنا الملك كبيرتان جداً وطويلتان بشكل يثير العجب.
قال له الملك : عرفت السر؟
قال له الحلاق : نعم
فهدد الملك بوضوح : في اليوم الذي يخرج به السر إلى أحد هو اليوم الذي ستموت به أنت وأمك أيضاً.
أقسم الحلاق على الوفاء وقام بحلق شعر الملك ووظبه وعاد إلى بيته.
مرت الأيام والحلاق يتصارع مع سره الذي آذاه كثيراً ، وكلما سمع أحدهم يتحدث عن قبعة الملك كان يتمنى أن يهم ويخبره بالسر لهذه القبعة ولكنه يتذكر الوعيد بموته وموت أمه فيصمت ، وأثناء تلك الفترة كان يزور الملك أكثر ويقص شعره ويذكره الملك بالتهديد أن يقتله وأمه لو خرج السر.
مرت سنة كاملة ولم يستطع الرجل التمسك بالسر أكثر ، فقد أصبح يصاب بصداع قاتل من كثرة التفكير فيه فقرر زيارة حكيم البلدة وقال له : " لدي سر قاتل لا أريد إخراجه لإنسان ، لكنني قد أموت من كثر حفظي له".
فقال له الحكيم : السر لو خرج منك لشخص أخر لم يعد سراً .. لكن هناك نصيحة جميلة لك ، اذهب وحدث الأشجار والبحر فيه وعندها ترتاح وهي أشياء لا تسمع ولا تتكلم.
ذهب الحلاق إلى بحر بعيد عن القرية وجلس على الشاطىء ، وهناك بدأ يكلمه بالسر وأخبره بقصة أذني الملك ... ثم اتجه إلى شجرة فأحدث فيها ثقباً كبيراً وأدخل وجهه فيه وتحدث إليها بالسر وعاد إلى بيته مسروراً مرتاحاً نفسياً.
وفي الصباح استيقظ على طرق الباب من قبل جنود الملك وهم غاضبين جداً ، فأخذوه إلى الملك مكبلاً وقاموا بضربه على الطريق ، وعندما وصل إلى الملك سأله الأخير : " لماذا أفشيت السر؟".
فأجابه الحلاق مقسماً أنه لم يفعل وأنه لم يخبر أحداً... فقال له الملك لقد فعلت وأخبرت الجميع.
انتفض الحلاق : أنا؟؟ والله لم أفعل
فقال له الملك لقد فعلت ولكن بطريقة غير مباشرة ، ثم طلب من الجنود أن يوثقوه فأخذوه إلى البحر وهناك كانت الصدمة ...أناس كثر حول البحر وهو يحدثهم بالسر .. صدى الصوت يخرج بشكل كبير عبر موجات البحر ... ثم أخذوه إلى الشجرة فوجد نفس المنظر.
فقال له الملك : السر لو خرج منك لم يعد سراً ، ولو لم تستطع أنت الحفاظ على سرك فلا تتوقع من الأخرين أن يفعلوا.
في النهاية ، عفا الملك عن الحلاق وخرج للشعب وأخبرهم بسر القبعة لأنه لم يعد من المنطق إخفاؤه.
| |
|